كيفية الدفاع عن الذات
لماذا ندافع عن ذاتنا؟
نحن نحرص على الأشياء الغالية لدينا حرصا شديدا بحيث نبذل ما بوسعنا من أجل الحفاظ عليها كأن نحتفظ بجوهرة ثمينة لدينا في مكان آمن خوفا عليها من الخدوش وخوفا عليها من السرقة أو حتى من أيدي الأطفال المتسخة فتفقدها بريقها فإن حدث مكروه لها حزنا على هذه الجوهرة وتألمنا لها . وذاتنا أغلى من أي جوهرة في العالم ولكي نحافظ عليها يجب عليها أولا أن نتعلم كيف نحبها وكيف نحميها وكيف ندافع عنها كي نعيش حياة مستقرة وهانئة وبعيدة عن الاضطرابات النفسية المختلفة .
أولا : حب النفس.
وحب النفس يختلف عن الأنانية، فلو سألتكم من أغلى إنسان عندكم ومن أكثر شخص تحبه ومستعد للتضحية لأجله
فهناك من سيقول أمي وهناك من يقول أبنائي وهناك من يقول زوجتي الخ...
فهل تحبهم أكثر من نفسك؟؟ البعض سيقول نعم!
لكن الواقع والحقيقة هي العكس .
فأنت تحب أمك لأن الله أمرك ببرها ولأنك ستحاسب يوم القيامة وستنعم لرضاها أو تعذب لغضبها أي النتيجة لصالحك أنت.. فأنت تحب نفسك ولأنك تحب نفسك وتخشى عليها غضب الرب فأنت تطيع والدتك وتبرها .
وكذلك حبك لأبنائك فهم أمانة عندك. وكذلك حبك لزوجتك فلأنك تحبها وتعجب بها ولا تستطيع العيش دونها أي سعادتك معها أي سعادة نفسك معها أي لأجلك أنت تحبها.
إذن يجب علينا أن تعلم كيف نحب أنفسنا كي نتعامل بشكل أفضل مع من حولنا ففاقد الشيء لا يعطيه ، أحبب نفسك كي تحب أبناءك وأهلك وتمنحهم الحب ، أهتم بنفسك كي تهتم بمن حولك.
يقول رسولنا الكريم ص "ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا يقول : بين يديك وعن يمينك وعن شمالك صحيح أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي "
" [ على كل نفس في كل يوم طلعت فيه الشمس صدقة منه على نفسه . قلت : يا رسول الله ! من أين أتصدق وليس لنا أموال ؟ قال : لأن من أبواب الصدقة التكبير ، وسبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، وأستغفر الله ، وتأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، وتعزل الشوكة عن طريق الناس والعظمة والحجر ، وتهدي الأعمى ، وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه ، وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها ، وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث ، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف ؛ كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك ، ولك في جماعك زوجتك أجر . قال أبو ذر : كيف يكون لي أجر في شهوتي ؟ فقال : أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ورجوت خيره فمات ؛ أكنت تحتسبه ؟ قلت : نعم .قال : فأنت خلقته ؟ قال : بل الله خلقه . قال : فأنت هديته ؟ قال : بل الله هداه . قال فأنت ترزقه ؟ قال : بل الله كان يرزقه . قال : كذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه ، فإن شاء الله أحياه ، وإن شاء أماته ، ولك أجر ] . ( صحيح ) .
"[ ما أطعمت نفسك ؛ فهو لك صدقة ، وما أطعمت ولدك؛ فهو لك صدقة ، وما أطعمت زوجك ؛ فهو لك صدقة ، وما أطعمت خادمك ، فهو لك صدقة ] . ( صحيح )
[ يا أيها الناس ! ابتاعوا أنفسكم من الله من مال الله ؛ فإن بخل أحدكم أن يعطي ماله للناس ؛ فليبدأ بنفسه ، وليتصدق على نفسه ؛ فليأكل وليكتس مما رزقه الله عز وجل ] . ( صحيح )
عن خالد بن عبدالله القسري عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجده يزيد بن أسيد : أحب للناس ما تحب لنفسك . ورواه عن روح بن عطاء بن أبي ميمونة قال : ثنا سيار به ، إلا أنه قال : حدثني أبي عن جدي قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتحب الجنة ؟ وقال : فأحب للناس ما تحب لنفسك . وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة بلفظ : وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا .
ثانيا : كيف تحمي ذاتك.
من أهم الأمور التي يجب أن تتبعها كي تحمي ذاتك :
-فهم مايدور حولك كي تدرك كيف تتصرف وتجنب نفسك المشكلات الكثيرة التي قد تضر بك . كأن تعرف متى تتكلم ومتى تسكت فقد قال الرسول الأعظم ص [ أكثر خطايا ابن آدم في لسانه ]
-يجب الإنتباه لمن يتحدث معك وفهم لغة الجسد فإذا كنت تتحدث ورأيته يدير بوجهه أو لا ينظر بعينه إلى عينيك فقد يكون في عالم آخر يفكر بموضوع بعيد عنك أو رأيته يغير من جلسته بشكل غير مريح أو يتهيأ للوقوف أو يعبث بشعره أو غترته او غيرها وما إلى ذلك فقد يشير إليك بشكل غير مباشر بأن حديثك لا يعجبه هنا عليك أن تعرف مانوع الحديث الذي يجب ان تقوله أو نوع الحوار الذي يجب عليك أن تديره . وقد تستعمل أنت نفس أساليب مشابهة إذا استدعى الأمر لتوضح للطرف الآخر أن الحديث لا يعجبك ومن الأفضل تغييره .
-من المهم أن تعرف بأن الانفعالات لها عدوى انتقال قوية جدا فاذا كان الحديث يأخذ طابع الصراخ فهذا حوار فاشل وعقيم ولا تحل به المشاكل وانما تتعقد فالشخص عندما ينفعل ويثور ويغضب ينتقل الغضب ايضا إلى الطرف الآخر فيشب الشجار بينهم وتبدأ الخلافات .
-في حالة احساسك بأن الحوار قد يأخذ هذا الاتجاه يجب عليك تهدئة نبرة صوتك فإن كنت واقف اجلس وأشر بهدوء إلى الشخص المتحدث وقل بحزم " اهدأ .. حتى نخرج بنتيجة .. اذكر الله .. صلي على النبي ... " من هذه الكلمات بنبره صوت هادئة حتى ينتقل الهدوء للطرف الآخر ثم كرر كلمة " اسمعني " بهدوء مع ابتسامه هادئة ليست استفزازية وانما ابتسامة رضا فان سكت الطرف المقابل وهدء بين له ان الموضوع بسيط ولا يتطلب كل هذا الانفعال ثم ابدأ بقول ما تريد وانت محافظا على الهدوء بالاضافة إلى تعبيرات الوجه وهنا نستفيد بشكل ايجابي من لغة الجسد .. النظر الى العينين .. تحريك الحاجبين دليل الاهتمام وكذلك الاشاره باليدين وضع الجسم وضع مريح وفيه بعض الميل باتجاه المستمع .
-في حالة اتهام احد الاشخاص لك بشيء ما يجب عليك اتباع اسلوب الهدوء وعدم سرد قصص طويلة من الاعذار لانها ستعطي مجال في التشكيك والتكذيب ودخول أكثر من مشكلة في بعضها . تحدث باختصار مبين وجهة نظرك دون تبرير طويل وتفصيل .
-استخدام رسالة الأنا في عرض المشكلة التي تضايقك او عرض الشكوى كأن تقول " انا مستاء جدا .. انا اشعر بالضيق .. لأن صوت المذياع عال .. لو اخفظت صوت المذياع سيكون الامر افضل " هذا مثال بسيط جدا الهدف منه توضيح رساله الأنا وهو اسلوب نبتعد فيه عن الاتهام ونعرض فيه أثر المشكلة علينا فالمشكلة ليست من الشخص نفسه وانما من تصرفه .
-في حالة الطلب اطلب ما تريده بشكل واضح ومحدد وابتعد عن اسلوب الأمر او اسلوب اللف والدوران . انا احتاج الى كذا ... هل تستطيع ان توفره لي؟
-فهم مشاعر الاخرين وجعلهم يعلمون كم نحن مهتمون بمهم وكم نحن نفهم مشاعرهم ... وهنا أخاطبكم جميعا وأخاطب الزوجات خاصة .. فاعرض لكم هذا المثال الذي ينطبق مع الجميع وليس الزوج فقط لكن الازواج هم أكثر الفئاة حاجة له " في حالة قدوم الزوج إلى المنزل وهو يشعر بالضيق من أمر ما فعلى الزوجة هنا أن تستقبله بهدوء ولا تتحدث كثيرا او تسأله عن سبب غضبه او ضيقه وانما تلتزم الهدوء وتحافظ على ابتسامه تدل على فهمها لحالته .. تحتضنه .. وبعد بفتره قصيره تبين له مشاعره فتقول انت متضايق .. هناك ما يزعجك .. انا اشعر بذلك .. الضيق بادٍ عليك ... " من هذه الجمل وليس كلها بشكل مباشر" هنا يبدأ الزوج بالحديث او لا يبدأ بالحديث المهم يشعر بالراحة وأن هناك من يفهمه " ماذا لو لم تستخدمي هذا الاسلوب ... كأن تريه متضايق فسرعين إليه وتسألين مابك مابك ماذا حدث اخبرني قد يثور عليك وقد ينزعج ويفرغ مشاعره السلبية عندك ... إذن أنت عرضتي ذاتك لمشكلة أنت لست سببا لها .
-تقبل الانتقادات فكل انسان يخطئ فنحن بشر لسنا معصومون عن ارتكاب الخطأ ، هناك انتقاد جارح قد يميل الى ان يأخذ طابع هجوم أو استهزاء ... في مثل هذه الحالات استمع إلى المتحدث بهدوء ثم قل بهدوء " هذه وجهة نظرك وهذا رأيك وانا لي وجهة نظري ولي رأيي " وانهي الحديث ولا تقل هذا قال عكس كلامك وهذا قال كذا او تحاول الدفاع والتبرير لأنك قد تدخل نفسك في مشاكل ومتاهات ، حضرت أحد المرات لمحاضرة تتحدث عن تقدير الذات اعجبتني جملة قالتها احدى الاساتذة " قال لي احدهم لقد أخطأتِ فقلت نعم لقد أخطأت وهذه ليست أول مرة أخطئ فيها وليست آخر مرة وسأخطئ طوال حياتي لأني اتعلم من أخطائي فالعيب في التعلم من الخطأ وليس الوقوع فيه.
-اعطاء النفس حقها من الراحة والترفيه .
ثالثا : التصرف مع أشخاص يشكلون مصدرا للضغط النفسي.
هناك أشخاص يصعب علينا التعامل معهم فهم يشكلون لنا مصدرا للضغط النفسي وسأذكر لكم هنا
كيف تتصرف مع العدواني ، الشكائين " كثيري الشكوى" ، الصامت ، كثير الموافقة ،من يعتقد بانه يعرف كل شي:
- العدوانين: هؤلاء الناس عادة يحبون السيطرة على الآخرين وفرض آراءهم بالقوة واطلاق النقد الجارح والاستهزاء بالاخرين والسخرية منهم . كيفية التكيف مع امثالهم : يجب أن لا أدع هذا الشخص يفرض رأيه علي وذلك بأن اتحدث بأسلوب واضح وصريح وحازم وبنظرة قوية " انا لدي موضوع وهذا هو رأيي أنا"، تجنب الصراع والاحتكاك مع هؤلاء الناس فقد يأتي فجأة ويبدأ بالصراخ من أجل الصراخ فقط دون أن يكون هناك موضوع واضح " لماذا الصالة غير مرتبه؟؟!! من وضع هذا هنا ؟؟؟ اخبرتكم اكثر من مره بعدم تحريك هذا الخ " مما يسبب ضوضاء كل ما عليك فعله هو عدم الاكتراث لما يفعله وعدم النظر له وان زاد الوضع أو مر من الوقت الكثير دون ان يهدأ أترك المكان واذهب الى مكان آخر بعيدا عنه، اذا اشتعل شجار بينك وبينه بوجود اشخاص حاول ان تطلب رأيهم والاستعانه بهم كأن تقول " انا فعلت كذا وفلان يشهد أليس كذلك يا فلان؟؟؟"
فإن كنت لوحدك واصبح الشجار مجرد شجار دون موضوع واضح انسحب من المكان كأن تقول سأفكر بالموضوع او انا اسف لدي شغل مهم واترك المكان.
-الشكائيين " كثيري الشكوى: دائما يشتكون لمجرد الشكوى يتذمرون من كل شيء حتى وان اعطيتهم حلول يتذمرون من كيفية الحل ونتيجته . دائما يظهرون لنا بانهم يستحقون العطف لانهم واقعون في مشاكل... هنا يجب علينا التحدث معهم بحزم " ماهي المشكله بالتحديد؟؟" هناك مشكلات لا تعتبر مشكله لانها تحدث مع الجميع " هذه ليست مشكله فالجميع هكذا " التحدث معهم بجديه" افعل كذا وكذا وانتهى الأمر " عادة هؤلاء الناس يستمرون بالشكوى حتى بعد اعطاءهم الحلول تكلم معهم بجديه " فقط ابدأ بتنفيذ الحل" وانهي معه الموضوع ، اذا استمر بالشكوى نقاطعه ونبلغه بان هذا الاسلوب لأن ياتي بنتيجة أو حل .
-الصامت الغير متجاوب : هناك من يصمت كإسلوب احتقار واستفزاز وهناك الصامت لأنه يخفي أمر أو خائف من قول كذبه وهناك من يصمت لأنه لا يشعر برغبه بالكلام لخمول او تعب، يجب علينا تحديد نوع هذا الصمت وعلى أساس ذلك نحدد كيفية التصرف والتعامل ، غالبا فتح حوار وطرح اسئلة مفتوحه والانتظار لجواب الطرف الآخر، فتح الحوار مرة أخرى والتزام الصمت انظارا منا لحديث الطرف الآخر اذا فشل هذا الاسلوب نفتح الحوار مرة ثالثة ولكن بسؤال مهم " ماهي المشكله بالضبط؟؟" يجب مراعات الوقت المناسب والفتره الزمينه التي ننتظر فيها الاجابة . بعض الاحيان نحتاج إلى اجابة الشخص لأخذ رأيه لكنه يلتزم الصمت هنا نعتبر الصمت موافقة وهذا فيه اجبار ليتحدث . كأن أقول " انا طالعه.. او أريد فعل كذا .. أريد أن اطبخ كذا ... وهو التزم بالصمت إذن افعل انا ما اخبرته به فلابد بأنه يستحدث أذا وجدني فعلا أقوم بفعل ما أخبرته به .
-كثير الموافقة : من ليس له رأي واضح دائما يقول " نعم .. كيفك .. زين .. اوكي ... عادي .." يكتفي بهذا الرد هؤلاء اطرح عليهم اقتراح صعب او لا يحبه .. ماذا تريد العشاء ؟؟ " كيفك" انت قلت كيفك وانا كيفي
واطبخ العشاء شيء لا يحبه هذا مجرد مثال بسيط
-من يدعي معرفة كل شي : اترك المجال له يتحدث ويتحدث ويتحدث ثم أطرح عليه سؤال قوي في صلب الموضوع او سؤال متخصص " ماهو مصدر المعلومه التي قلتها؟"
هذه نقاط بسيطة أحببت أن اطرحها عليكم فمن يملك نقاط اضافية وحلول اضافية فليضفها كي تزيد الفائدة للجميع .
تحياتي القلبية لكم